لا يختلف إثنان في أن موضوع التعلم من الأمور التي تشغل بالنا جميعاً كآباء وأمهات ومربين ومتعلمين، بل وكأعضاء في أي مجتمع من المجتمعات وهو موضوع يثير الكثير من الجدل حول ماهيته وطبيعة القوانين التي تحكمه وتحدد نظرياته وتطبيقاته، وكذلك إختلاف النظرة إلي ما يجري داخل الإنسان من عمليات وما يتم في بيئته من تفاعلات تؤدي في مجموعها إلي إحداث تغيير في السلوك ونمط الحياة بحيث يقال: إن أنساناً ما قد تعلم شيئاً ما.
ولعل كتاب "نظريات التعلم" من أهم الكتب التي ظهرت حديثاً في مجال البحث في موضوع التعلم ولعله يمتاز عن غيره من الكتب في هذا المجال بشمول النظرة والتفرد في الأسلوب وتوخي الحرص علي إعطاء القارئ العام والقارئ المتخصص تصوراً متكاملاً لنظريات التعلم الرئيسية التي ظهرت منذ بداية القرن الحالي حتي الآن وقد قام محررا الكتاب بدور أساسي وإبداعي في بناء هيكل هذا الكتاب إذ وضعا خطة متماثلة لفصول الكتاب بحيث تناول كل فصل منه نظرية من النظريات، فيتناول مقدمة عن النظرية تحوي أولاً نظرة عامة عن النظرية وقضاياها الرئيسية ومفاهيمها الأساسية، وثانيا تاريخ النظرية ويضم نشأتها والمنظرين الأساسيين لها والوضع الراهن لها والنظريات الأخري المرتبطة بها، وثالثاً فرضيات النظرية، ورابعاً البحوث وبه مناهج البحث المستخدمة والدراسات عن الحيوان ثم الإنسان، وخامساً مضامينها النظرية والعلمية، وأخيراً الخلاصة، ثم قائمة بالمصادر والمراجع.
والنظريات التي يتناولها الكتاب هي: الإرتباط لثوراندايك، والإشراط الكلاسيكي لبافلوف، والإقتران لجاسري، والدافع لهل، والإجراء لسكنر، والطبيعة التطورية الأساسية (الغريزة والتطورية) التي قال بأسسها داروين، وفيشر، وويتمان وكريج، ولويد مورجان، وآخرون، والجشطلتية، والبنائية التطورية لبياجيه والرياضية لأستس، والذاكرة ومعالجة المعلومات لدوندرز وايبنجهاوس، كرائدين لها. والتعلم بالملاحظة لباندورا وأخيراً التعلم الإجتماعي لروتر.
وبهذا قدما كتاباً كاملاً يعطي فكرة عن كل نظرية علي حدة ويقدم في نفس الوقت مقارنة بين النظريات المختلفة.
وهكذا جاء كل فصل من فصول الكتاب وكأنه كتاب في حد ذاته يستطيع القارئ من خلاله أن يلم بالنظرية التي يتناولها ذلك الفصل بصورة وافية، وكذلك مدي اتفاقها أو إختلافها عن النظريات الأخري، بالإضافة إلي تطبيقاتها النظرية والعلمية في مجال التربية والتعليم والعلاج النفسي.
ومما يزيد في أهمية الكتاب أنه كُتب من قبل مجموعة من العلماء والباحثين الذين كرسوا حياتهم لدراسة موضوع التعلم ولهم أثر بارز علي تطور أبحاثه.
وقد اقتصرت الترجمة علي خمس نظريات تمثل أهم نظريات التعلم التي كان لها النصيب الأوفر من التأثير علي ميدان سيكولوجية التعلم.
هذا وقد أتيت علي ذكر جميع المراجع الإنجليزية كما وردت في كل فصل من الفصول كما أثبتها باللغة الإنجليزية في نهاية كل فصل تيسيراً لمن يرغب من القراء الكرام في العودة إلي أي من هذه المراجع.
